ما هي خريطة القراءة ، سؤال بسيط في طرحه، لكنه سؤال إشكالي يصعب الجواب عليه بمعطيات دقيقة ومن مصادر موثوق بمعلوماتها.
وسيتفرع عن هذا السؤال، أسئلة فرعية كثيرة ومتنوعة بكثرة وبتنوع الفاعلين في الفعل القرائي.
- هل يتوفر المغرب على نظام إحصائي ثقافي؟
كنت قد أشرت في العديد من المداخلات والإستجوابات، إلى ندوة كانت قد عقدت بالمكتبة الوطنية للملكة المغربية بالرباط، سنة 2014، بمشاركة وزارة الثقافة والمندوبية السامية للتخطيط واليونسكو وكان موضوع الندوة ، ينحصر في تدارس عدم وجود نظام إحصائي ثقافي بالمغرب، وضرورة بلورته بمشاركة كل الأطراف الفاعلة في مختلف قطاعات الثقافة.
انتهت الندوة إلى ضرورة وضع نظام إحصائي ثقافي ، وتطويره بتنسيق مع الأطراف المعنية.
بعد ذلك ذابت كل التوصيات الموضوعاتية والتنظيمية والهيكلية والتشاركية ،ككل التوصيات التي تصدر عن الندوات والمناظرات والمؤتمرات، والتي تنتهي للأسف إلى موائد للحصول على تعويضات المكلفات والمكلفين بمهام.
وقد تمخض كل هذه العمل حسب علمي بطبيعة الحال، إلى إصدار عدد يتيم من “مجلة الإحصائيات الثقافية 2013-2015”.
بعد ذلك وبعد انتهاء مهام وزير الثقافة آنذاك السيد محمد أمين الصبيحي، عاد الوضع إلى ما كان عليه، لا كلام عن نظام إحصائي ثقافي ولا حتى عن “مجلة للإحصائيات الثقافية”.
- من يقرأ بالمغرب؟ :
فحسب إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط، فإن 32% من المغاربة فوق العشر سنوات أميون، لكن الأمية لا تنحصر في عدم تعلم القراءة والكتابة، بل عدم القدرة على القراءة والكتابة، تمس نسبة أكثر من هذه النسبة، وإذا أخذنا بعين الاعتبار أرقام تقارير التنمية الصادرة عن الأمم المتحدة المتعلقة بالقدرة على القراءة والكتابة،والتي تضعنا في مراتب غير متوقعة في الظاهر، لتعيد طرح سؤال لماذا؟
- القراءة العمومية :
وفق احصائيات 2015 يتوفر المغرب على 348 مكتبة عمومية مفتوحة مبدئيا أمام العموم للقراءة، منها حسب نفس المصدر 16 مكتبة مقفلة أو رهن الإصلاح.
وإذا علمنا أن 64 % من هذه المكتبات العمومية تتم في إطار ما يسمى شراكة وزارة الثقافة مع الجماعات المحلية، فإن استفحال الأزمة سيظهر واضحا للعيان.
حيث أن مجموع المسجلين رسميا في هذه المكتبات العمومية هو 109 472 سنة 2015 وكان عددهم 77361 فردا سنة 2013 ، وقد بلغ عددهم 113 346 ،وهذه الأرقام وحدها تكفي لتدق ناقوس الخطر حول تدني القراءة العمومية المجانية طبعا وغياب فعل القراءة كممارسة اجتماعية مترسخة.
- هل يقرأ المغاربة؟:
ونعود للسؤال المركزي الأول هل يقرأ الجمهور خارج دائرة القراءة العمومية المجانية، وخارج دائرة القراءة المفروضة الواجية لإنجاز الواجبات المدرسية، أي القراءة كممارسة اجتماعية واعية، وكمتعة ولذة ومعرفة بالكون والحياة.
إذ لا تتوفر معطيات حول هذا الأمر، إلا بعض “الإحصائيات” الخاطئة في مجملها، هنا وهناك والتي تتم بلورتها خارج المعايير المعروفة للأنظمة الاحصائية العلمية.
لكن بالعين المجردة، للأسف، قليلون الذين يقرأون، وقليلة هي الكتب التي تباع بأكثر من 200 ألى 300 نسخة للجمهور خارج “صفقات الكتب” التي لا علاقة لها بفعل القراءة
فهل تشكل المعارض الجهوية والمعرض الدولي للنشر والكتاب ، التي تنظمها وزارة الثقافة رافعة لترسيخ القراءة كممارسة اجتماعية، الجواب عن هذا السؤال في الأسبوع المقبل.