من أجل أولوية تكثيف الجهود السياسية لمواجهة الجائحة

حسب المقتضيات القانونية المتعلقة بالتعيين في الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء، الأطراف التي تتولى التعيين في الهيئة هي رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين. المستفاذ من هذا الأمر أن التعيين لا يتعلق بالمؤسسات المعنية، وإنما برؤساء المؤسسات الدستورية نفسها، بالتساوي الكمي وبنفس الآلية. وأمام اللغط الكبير والمغالطات السياسوية، خرج رئيس الحكومة ببيان يدافع فيه عن نفسه، بعيدا عن التضامن المؤسساتي الذي يجعله المتلقي النهائي لكل المقترحات والساهر على إخراجها إلى العلن بقوة القانون. بيان يفيد العمل بمنطق الرئيس، وليس المؤسسة التي تلزمه بالأغلبية، ويفيد احترامه للشروط المطلوبة في المعينين (أولا القانون، وثانيا الاقتصاد، وليس المجال المالي كما أورد وفي ذلك فرق كبير، وثالثا المجال الطاقي). كان الأولى تعميم نفس المنطق على ما جرى على المؤسستين التشريعيتين: الرئيس واحترام الشروط المطلوبة، والتحري في مدى استيفاء المعينين للشروط المطلوبة، وآنذاك نكون أمام اختبار الكفاءة بغض النظر عن الانتماء السياسي الذي ينبغي على كل ديمقراطي أن يدافع عنه. أن تختار هيئة سياسية محترمة موقفا يتماشى مع موقعها السياسي الحالي، فلها ذلك ؛ وأن تختار هيئة سياسية أخرى تصفية حساباتها الداخلية بطريقتها الخاصة، فلها ذلك، أما وأن ينبري شخصان من الحزب الذي ينتمي إليه رئيس الحكومة لإعطاء الدروس والمزايدة السياسوية للمؤسستين المعنيتين، فالأمر يدعو للغثيان، والترحم على السلوك السياسي المنسجم: نائب رئيس المؤسسة التشريعية يمثل حزبا ظل طيلة حكمه يوقع على الأرقام القياسية في تعيينات المقربين والحلفاء لمدة عقد كامل من الزمان، دون مراعاة لشرط الكفاءة في أكثر من مناسبة، ومسؤول حكومي سابق لم يتوفر فيه الشرط للاستمرار في حكومة الكفاءات والذي خضعت بعض التعيينات في عهده للتوصيات. ولن أتكلم عن الطرف الثالث المحسوب على اليسار بحكم القيم المشتركة، آملا في أن يهديه الله سواء السبيل اليساري.

المطلوب اليوم ممارسة سياسية تعي جيدا متطلبات الظرفية الاستثنائية التي تطرحها تحديات الوباء العالمي، والحرص على الانسجام مع المبادئ السياسية لكل طرف حزبي. والمبتغى أن نثمن الكفاءات بانتماءاتها السياسية، لا أن نقلل من شأنها دفاعا عن الخيار الديمقراطي والتنموي الذي ارتضاه جلالة الملك لبلادنا.

قبل هذا وبعده، لا مجال للتذكير هنا أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في أي موقع يحتله من مواقع المسؤولية السياسية والمؤسساتية، حريص على المصلحة العليا للوطن، وعلى أن الوطن أولا وأخيرا. الاتحاد أعلنها صراحة منذ عقود، ويعلنها في انخراطه الحاضر وفي استشرافه للمستقبل: لا محيذ عن دولة قوية عادلة ومجتمع حداثي متضامن؛ وكل من تزعجه الحداثة، فليطمئن أن التاريخ يتقدم، ولا يكمنه بأي حال من الأحوال أن يلتفت إلى الخلف مخافة السقوط.

 

 


شاهد أيضا
تعليقات
تعليقات الزوار
Loading...