محمد قويط يكتب: إضاءات حول مسألة الأرشيف بالمغرب

إن الأرشيف حارس الذاكرة يختزن عبق التاريخ وتجاربه ، ويساهم في حفظ الذاكرة الجماعية للشعوب انطلاقا من حفظ الوثيقة إلى صيانتها وأرشفتها ، تجدر الإشارة بأن المغرب لازال متأخرا في هذا الجانب على غرار باقي الدول الشقيقة كمصر وتونس والجزائر والتي حققت قفزات نوعية لحماية أرشيفها، فببلادنا نجد فقط  مؤسسة أرشيف المغرب وهي مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، والتي أحدثت بموجب القانون رقم 69.99 المتعلق بالأرشيف، الصادر بتنفيذه الظهير رقم 1.07.167 والمؤرخ ب 19 من ذي القعدة 1428 (30 نونبر 2007) والتي تعنى بشكل مباشر بقضية الأرشيف، أما على مستوى الجهات والأقاليم والجماعات الترابية فمن النادر أن تصادف أرشيفات محتفظ بها بشكل يتماشى مع طرائق الحفظ المتعارف عليها دوليا  ، للأراشيف عامة أهمية كبرى تكمن في القيمة التاريخية والرمزية والقانونية ، وفي ظل التطورات التي أصبح يعرفها العالم على مستوى التقدم التكنولوجي ظهرت تقنيات ووسائل تسهل عملية التنظيم والتوثيق والأرشفة ، فأصبحنا عوض التحدث عن الأرشيف التقليدي المكتوب أصبحنا أمام أرشيف رقمي.

إن الأرشيف الرقمي الإلكتروني عملية تقنية وإدارية يتم عبرها استغلال التقنيات الحديثة لنقل الأرشيف من الحالة المكتوبة باتجاه الوضعية الرقمية وذلك باستخدام الماسحات الضوئية ، فالأرشيف بمعناه الواسع إذن هو المكان الذي توضع فيه الوثائق والمستندات والسجلات في حوامل متسلسلة ومرتبة وفق ترميز معين ، أما الأرشفة فهي عملية فنية تقنية وأسلوب تنظيمي .

يعترض تطوير الأرشيف داخل المؤسسات  بالمغرب ، العديد من العوامل تكبح عملية حفظه واستغلاله فتطويره ، ونعتقد في بادئ الأمر أن أغلب هاته المؤسسات لازالت تتعامل مع قضية الأرشيف كنوع من الترف ، وهو ما يعكس الصورة النمطية العالقة في ذهن الإطار – المواطن  وكذا تمثلاتنا كأفراد ومجتمع ، ونعتبر أن العامل الأول مرتبط بالتمثلات السلبية السالبة لقيمة الأرشيف ، المنتشرة بيننا ، إذ أضحى من الواجب على الجهات المعنية نشر ثقافة الأرشيف والأرشفة وأهميتهما في حفظ الذاكرة الجماعية ، والعامل الثاني يتمثل في شبه غياب خبراء ومختصين في هذا المجال ، فلكل حقل علمي منطق اشتغاله الخاص وحقل الأرشيف ليس عملية ميكانيكية تقنية فقط بل هي فن وإبداع زد على ذلك ضعف الموارد البشرية التي ينبغي أن تواكب هاته العمليات بالإضافة لغياب بنيات تحتية ملائمة  تحتضن العملية ،

لقد أضحى من اللازم تكثيف الجهود لبرمجة سياسات عمومية تستهدف حفظ أرشيف مؤسساتنا على اختلاف أنواعها وأشكالها وذلك وفق الشروط المعمول بها دوليا  ، لحفظ الذاكرة من الزوال والاندثار .


شاهد أيضا
تعليقات
تعليقات الزوار
Loading...