الحسن لحويدك يكتب :قراءة في مضامين الخطاب الملكي السامي بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الثانية

ركز الخطاب الملكي السامي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة ، على موضوعين استراتيجيين هامين ؛ إشكالية المادة الحيوية للماء ، وما يجب ان تحظى به من تدبير معقلن ، والاحتياجات التي يتطلبها المغرب على صعيد قطاع الاستثمار .

فالماء دخل مرحلة الندرة في المغرب على غرار باقي العديد من مناطق العالم ، جراء عدة عوامل ؛ محلية كارتفاع تعداد الساكنة الذي يتزايد مع الطلب، وكونية كالاستهلاك المفرط للدول المصنعة .
لذلك ، لابد ، اليوم ، و أكثر من أي وقت مضى ، اتخاذ مجموعة من الإجراءات لضمان الأمن المائي الذي يرتهن به الأمن الغذائي والزراعي على حد سواء .
إذا وقفنا على المحور الأول المتعلق بالماء ، في الخطاب الملكي السامي ، يستنتج ان المغرب سيبادر إلى تنزيل إجراءات وسياسات في مستويات عمودية وافقية و ايضا محلية ، تستهدف جميع المؤسسات ، فضلا عن المواطن .
على هذا الاساس ، و تاسيسا عليه ، ستنصب هذه التدابير والجهود على ترشيد استعمال هذه المادة الحيوية ، مركزيا وجهويا ومحليا.
إن التشخيص الذي تفضل بابرازه جلالة الملك في خطابه السامي ، توقف بعمق عند مكامن الضعف التي تم رصدها ، والإشكالية المطروحة التي ينبغي الانكباب على مواجهتها ، لظاهرة تفشي الاستغلال غير المسؤول للماء ، من خلال التدبير المعقلن الذي يتطلب انخراطا جماعيا وتعبئة شاملة من كل مكونات الشعب ، ما يستدعي التحسيس والتوعية على المستويين التربوي والإعلامي بمختلف مشاربهما ، من قبيل تنظيم مجموعة من المناظرات والانشطة.
لقد اضحى مشكل قطاع الماء، بجلاء رهانا استراتيجيا و مشروعا مجتمعيا يتطلب مقاربة نوعية شاملة جديدة تنبني على توعوية أساسية في إطار من الالتقائية .
اننا بحق و بصدق امام تحدي مصيري ، من الضروري ان نتعبأ فيه جميعا للحفاظ على هذه المادة الحيوية ، واستهلاكها بالطرق المعقلنة والمشروعة.
ولتحقيق هذه الأهداف المنشودة ، لابد من التركيز على كيفية إمكانية التأثير في سلوك الفرد التي هي مسؤولية كل مكونات الحكومة والمجتمع المدني بالجدية اللازمة وبالتاطير والتوعية .
من ضمن هذه البدائل الأساسية ، شرطة المياه التي يجب ان تعميم تغطيتها المجالية على كل مناطق المغرب مع تفعيل المخطط الجديد لتدبير الماء الذي يجب ان يرتكز على اسس الحكامة الجيدة والمراقبة الدائمة لاستغلال امثل ومعقلن .
لذلك ، دعا جلالة الملك ، حفظه الله ، لوضع خارطة طريق على مستوى التخزين والترشيد للمياه .
المجال الثاني المحوري في الخطاب ركز على الاستثمار المنتج ، وفي صلبه الميثاق الجديد للاستتمار وقانون الإطار القادر على رفع نسبة النمو .
وفي هذا السياق ، يتم التأكيد على تعزيز رفع حصص الاستثمار الذي لا يقتصر على تدخل الدولة بمفردها ، بل لابد من انخراط القطاع الخاص سواء لمغاربة اواجانب ، وفق ضوابط شراكة في إطار معادلة رابح – رابح ، مع تبسيط المساطر والإجراءات .
من شأن ذلك تحقيق رهانات الإقلاع المنشود لاقتصاد قوي ومتكامل .
ويجب التذكير في هذا الصدد على أن مغاربة العالم الذي يزيد عددهم على 5 ملايين من أفراد الجالية المغربية من شأنها أن تعزز لكسب رهان الاستثمار في افق تفعيل مقتضيات النموذج التنموي المغربي الجديد ، باعتبارهم مؤهلين للمساهمة المواطنة الفعالة في تحسين مناخ الاعمال المغربي الذي يتسم بالامن والاستقرار .
ولتحقيق رهان تفعيل قطاع الاستثمار ، تبقى مهمة المراكز الجهوبة للاستثمار رافعة اساسية لما لها من دور فعال من ناحية الرؤية الإستشرافية و التأطير والمواكبة .
وعموما ، يستنتج من خلال مضامين الخطاب الملكي السامي أن المغرب سيدخل منعطفا حاسما و نقلة نوعية في سياق دولي صعب ، رهانه خلق الثروة ومناصب شغل من خلال حسن تدبير قطاعين استراتيجين مصيريين وأساسيين للتنمية : الماء والاستثمار .


شاهد أيضا
تعليقات
تعليقات الزوار
Loading...