بينما الدعوات تتعالى ، والأصوات تصدح بالتشجيع والهتاف ، والأعصاب المشدودة وصلت إلى ذروتها. والأعين تترقب مجريات أحداث المباراة عبر الشاشات ، كنت أعاني من حمى لعينة ، ولم أكن أهذي عندما أخبرتهم يقينا “إلتزموا الهدوء لا داعي لكل هذا الجلل الفوز حليف الأسود لا محالة” لم أتوقع خسارة البتة بل كنت أترقب بشوق حالة الفرحة والاحتفالات والزغاريد وأصوات الهتاف وأبواق السيارات والتهاني والتبريكات.
حالة استثنائية في الشارع المغربي تروق لي كثيراً، حالة تجلب السعادة عنوة، فرحة شعبية من اقصى البلاد حتى أدناها ، فرحة شعوب شتى ،فلم يعد الأمر يقتصر على من يفهم أصول ومجريات مباراة كرة القدم ، أو مجريات كأس العالم بل أصبح الموضوع لهفة قلوب بأكملها من يفقه أحداثها ومن لا يفقه من تستسيغه المستديرة ومن لا تروق له ، الجميع في حالة تأهب ومساندة واستعداد ، لم يعد الأمر يتعلق بالفوز أو الخسارة بل بالفرحة ومقدار تأثيرها بعد الفوز ، تلك الفرحة التي تتجلى راقصة مستبشرة في عيون الصغار والكبار والمسنين مواطنين ومهاجرين من جنسيات شتى، لم يعد الأمر يتعلق بالبرتوكولات الدولية بل بفرحة شعوب مغبونة تستجدي بصيص فرح من المشرق حتى المغرب نادراّ ما يحالفها حظ الوصول والفوز والاجتياز ، ليس هناك أصدق من مساندة الأمهات ودعواتهن التي ترافق ابنائهن ، ليس أصدق من الدموع التي تذرفها العيون فرحة بالفوز، ليس أصدق من مشاعر الشعوب العربية والإسلامية والدولية برمتها ومساندتها ودعمها، لم تكن مجرد مباراة بين فريقين بل ملحمة ونصر وتميز صنعتها أقدام أسود ضارية في حين عجزت عقول ساسة عن صنعها، لم تكن سوى مستديرة شقية وأقدام أسطورية وقلوب متلهفة وتكتيكات متقنة سبب نجاحها الفرد مع الجماعة والجماعة مع الفرد، لم تكن سوى وحدة وانسجام وتلاحم ، إذن السر في التلاحم والتآزر والوحدة ، فأينما وجدت وجد النصر ، مبارك لأسود الأطلس هذا الإقتدار ، مبارك للأمهات فرحتهن مبارك للأباء فخرهم ، مبارك للمغرب هذا النصر ، مبارك لكل الشعوب العربية والإسلامية والدولية التي أسعدها هذا النصر فرحتهم وزهوهم ، تهانينا أسودنا الشرسة ومزيداً من تأهل وإقتدار.